هل تجاوزت الأحداث البعثة الأممية في ليبيا؟ وما هي فرصها في الإسهام بإنجاح مسارات التسوية؟
في ذروة الانشغال الأمريكي الروسي بمجريات الحرب الدائرة على حدود حلف شمال الأطلسي، تبدو البعثة الأممية في ليبيا وكأنّما قد فقدت أدوات تأثيرها المستمدّة أساسا من قوة النفوذ الأمريكي، وتُكافح من اجل المحافظة على دورها الاستشاري وموقعها كقوة اقتراح بآليات شبه منعدمة.. أما انشغال خصم أمريكا الأول في ليبيا – روسيا- بحربها فقد أغرى أصواتا عدة لترتفع بالحديث عن ضرورة استغلال الموقف الراهن للخلاص من المرتزقة الروس، غير أن هذا الموقف يتجاهل تماما أن هنالك أطرافا ليبية لا ترغب في ذلك، وتصرّ على إبقائهم لحسابات عديدة منها السياسي ومنها العسكري والأمني. ويتجاهل أيضا وجود مرتزقة آخرين إلى جانب المعسكر المقابل.
وتبعاً للمتغيرات التي يشهدها الدور الأمني في هذه المرحلة، فإنه لا معنى لرفع سقف الانتظارات بشأن المقترحات التي عرضتها ستيفاني وليامز وأسمتها بـ”المبادرة” رغم كونها لا تعدو كونها نسخة جديدة من خارطة طريق مجلس النواب.. ولذلك فمن المرجح ألاّ يكون لستيفاني دور بالأهمية والزخم الذي كان عليهما خلال الأشهر الأخيرة، وسيستأثر معسكر مجلس نواب طبرق بالنفوذ الأكبر في المشهد الداخلي مستفيدا من تحالفه مع حفتر والإخوان الداعمين لفتحي باشاغا، لكن هذا مشروط بتجاوز تعقيدات استلام باشاغا وحكومته، وكذلك بعدم انفجار الوضع الأمني في المنطقة الغربية.
أما إذا سارت الأمور نحو مزيد التوتر والاحتقان، ووُجه باشاغا بالصّدّ من قبل داعمي الدبيبه، فالغالب على الاعتقاد بأن المسار المرسوم للتسويات سيفقد كل مقومات استمراره ويتجه إلى الانهيار والعودة إلى مربّع الصراع من جديد.