دوليمقالات

هل سينشئ بايدن إسرائيل ثانية في شرق أوروبا

الكاتب الليبي محمد الأمين

دعم عسكري لأوكرانيا بقيمة 13.6 مليار دولار..هل سينشئ بايدن بكل هذه الأموال إسرائيل ثانية في شرق أوروبا؟ لماذا يقامر الغرب بوجود الأوكرانيين؟

تحت عنوان “التعامل مع الغزو الروسي لأوكرانيا وآثاره على دول الجوار”، اعلن الرئيس الأمريكي بايدن في حديث أمام الإعلاميين منذ ساعة أنه قد اتخذ قرارا بدعم قدرات أوكرانيا على مواجهة الحرب ضد روسيا بمبلغ قدره 13.6 مليار دولار، وهو ما يكفي لتسليح عدد من الدول وليس دولة واحدة كما نعلم.. فما الذي يريده الأمريكيون بالضبط؟ هل يريدون هزيمة الروس بجيش أوكراني مفتت؟ أم أن توريد جيش بشري للدفاع عن أوكرانيا يدخل ضمن هذه الميزانية الضخمة؟

المؤكد أن غالبية الشعب الأوكراني قد ترفض هذه المساعدات لو جرى استفتاؤها عليها، لأنها ببساطة تعني أنه لن يبقى في مدنهم جدارٌ قائمٌ واحد، ولن يبقى بيت واحد غير مهدم.. وأن بلدهم سوف يفقد نصف سكانه بين قتيل ومصاب ومهجّر ومفقود!! لا عجب،، لأن هذه الميزانية مضافة إليها كافة المساعدات وآلاف أطنان السلاح التي يؤكد الأمريكيون أنها بصدد التدفق على الأراضي الأوكرانية هي في الحقيقة ميزانية تدمير وليست ميزانية تصدٍّ للغزو أو تخفيف لمعاناة الناس.. فأطنان الدولارات، وأطنان السلاح والذخيرة سوف تخلّف أطنانا من الركام والحطام والجثث أيضا..

الأمريكيون يريدون للحرب الأوكرانية أن تستمر إلى ما لا نهاية.. يريدون استنزاف عدوّهم لكنهم لا يأبهون بنتائج ذلك ولا بتأثيراته على البشر والحجر.. يقدّمون الأموال والسلاح معتقدين أن ذلك سيشلّ قدرات الجيش الروسي الذي بإمكانه تسوية أوكرانيا بالأرض لولا خشيته من خسارة معركة الرأي العام.. وكان الأمر ليكون مجدياً أكثر، وربما لم تبلغ ميزانية الدعم الربُع أو الثُّلُث لو انخرط الأمريكي بقواته في الحرب بوجه مكشوف، أو لو مارس الناتو حقّه في الدفاع عن أراضي أعضائه التي يزداد منسوب التهديد على مقربة منها كل يوم.. لكن واشنطن تريدها حربا بدماء أوكرانية وبمشاركة بعض المرتزقة.

إن القرار الأمريكي يوحي بأن المطلوب من أوكرانيا ليس محاربة بوتين، أو عرقلة غزوه أو إحراجه أو ضرب شعبيته أو تشكيك الروس في قيادته، فحسب، بل كذلك مزيد توريط الأوروبيين ومنعهم من التراجع، وإحراق قوارب العودة إلى علاقات طبيعية مع روسيا، والحيلولة دون أية تسوية قريبة تضمن للروس وضع المنتصر أو صاحب المبادرة المطلقة في المشهد.. الأمريكيون يعلمون أن هنالك خطوط اتصال روسية فرنسية، وروسية أوروبية غير معلنة، تُشعرهم بالقلق ليس على أوكرانيا، بل على مستقبل نفوذهم في أوروبا، وعلى مستقبل حلف الناتو، لذلك تراهم يدفعون بالأمور إلى أقصاها، ويصروّن على إبقائها عند حافة الهاوية.

• إسرائيل أوروبا

هل ستكون أوكرانيا “إسرائيل جديدة” في أوروبا يهدّد بها الأمريكيون الروس ويبتزّون شركاءهم في شرق القارة المضطربة؟ وكيف سيتقبّل الروس القرارات المالية الأمريكية العدائية التي أعلن عنها الرئيس بايدن خصوصا بعد أن تبيّن أن توقعات بوتين بحرب قصيرة قد تبخّرت، وأن المفاجآت المتتالية والصادمة من الغرب قد فعلت فعلها في اقتصاد وخطط وأعصاب سيّد الكرملين؟ وللحديث بقية.

 

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى