محليمقالات

رمضان عبد السلام.. يكتب: لوكربي العدو.. ولوكربي الصديق

لوكربي العدو.. ولوكربي الصديق

“أمريكا عدو، خير الكم من صاحب”.

لابد ان الذين كانوا حول المرحوم معمر القذافي حين وجه لهم هذه العبارة و قد كانوا مستبشرين بالعلاقة مع اميركا قد وقفوا على حقيقتها الآن.

بتسوية سياسية و ليس حكماً قضائياً انهت ليبيا خصامها مع اميركا و بريطانيا في واقعة لوكربي، المحاكمة  التي جرت في هولندا كانت جزءً من تسوية مشتملاتها:

▪ تعويض العائلات المتضررة.

▪ تمكين المتهمين من المثول امام القضاء.

▪ تحمل ليبيا المسؤولية المدنية عن اعمال موظفيها الرسميين.

▪ التعاون في أية تحقيقات مستقبلية متعلقة بالواقعة.

هذه التسوية ابقت الواقعة في إطار الدبلوماسية وليس القضاء، فالتعويض كان صفقة تسوية غير رسمية ساعدت عليها ليبيا لأنه ما كان يمكن الوصول الى حل إلا بتلك الصفقة.

كانت نية الغرب هي اتهام ليبيا، وكان قرار ليبيا رفض الاتهام. العقوبات الغربية كانت بهدف قبول ليبيا الاتهام. الغرب كان يريد محاكمة ليبيا، وليبيا افسدت مسعاه. لذلك كانت التسوية؛ التي سعى إليها الغرب أكثر من ليبيا، بعد أن أخذ موقفه يتآكل بمرور الزمن.

في لوكربي لم تكن التسويات رسمية إلا في مراحلها الأخيرة، ولولا ان المرحوم عمر المنتصر ليس بيننا اليوم لما قلت انه هو من بدأ الإتصالات مع أمريكا في جنيف قبل ان يكون أمينا للخارجية، التي كُلّف بها بعد أن اثمر تواصله غير المباشر مع أمريكا.

كان المرحوم المنتصر أميناً للتخطيط حين التقى مع ممثلي شركات  أميركية نجح في  أن يوصل من خلالهم رسالة ليبيا في ان الدبلوماسية يمكن ان تحقق مطالب الجميع. أذكر هذا  لأن الرجل ليس بيننا اليوم وليس بوسعه ان يتكلم. ما ان اتسعت الاتصالات حتى كان ليبيون كثيرون ضمنها. دبلوماسيون وقانونيون واقتصاديون وماليون ومصرفيون وأمنيون… الخ

مخرج لوكربي بالتسوية اوجده الغرب وليس ليبيا.

كانت خطوط  التسوية ومساراتها تتحدد وتجري خارج الإطارات الرسمية إلى ن أخذت شكلها النهائي. أخذت صياغة النصوص وقتاً طويلاً من الجميع، فالكل  يحرص على تسوية ترضيه، ولا تلقي بالتزام “جنائي” عليه.

كل شيء تم خارج القضاء. كل شيء انتهى في مجلس الأمن كما بدأ فيه، إستناداً على رسائل وليس على احكام قضائية.

ليبيا تحملت المسؤولية المدنية عن اعمال موظفيها و ليس المسؤولية الجنائية. ثبوت او سقوط مسؤوليتهم الجنائية عن أعمالهم لا يلزم ليبيا في شيء. الرسالة كانت تخريج ذكي أوجده الغرب كإثبات لحسن نيته في أنه لا يسعى لإتهام ليبيا كدولة، الأمر الذي كانت تحرص عليه.

حتى تعويض المتضررين أو أسر الضحايا جرى من صندوق تأسس لهذا الغرض؛ لم تدفع فيه ليبيا “الرسمية” شيء، حتى لا يكون “شبهة جنائية” عليها.

يفترض انه بتلك التسوية قد انتهت لوكربي، لكن اميركا والغرب كله لا تقيّده التسويات. الغرب ليس له عهد. الغرب ينقض عهوده متى ما واتته الفرصة.

اليوم ليبيا “صديقة أمريكا” لكنها فرصة سانحة لها؛ فهي بلا هيبة ولا كيان ولذلك ستسعى لاتهامها كدولة هذه المرة، وإذا تحقق لها هذا فترقبوا من الآن فصاعداً  لوكربي التي “لاتبقي ولا تذر”، لوكربي التي تريد بها أمريكا هذه المرة تقرير:

“ان ليبيا ليست جديرة بان تكون دولة” فتستبيحها بأكثر مما في التصور…

أيها الليبيون

اصنعوا من لوكربي الجديدة  حالة تحدي تجمعكم، وادفنوا خلافاتكم وسلبيتكم من أجل وطنكم واستعيدوه من يد أمريكا فقد اتخذتكم عدوا وهي تدّعي صداقتكم.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى