محلي

باحث: تركيا توسّع نفوذها في ليبيا عبر شركة BGN وتنافس إيني الإيطالية على ثروات النفط

قال الباحث والمحلل السياسي، ياسين الحمد، إنه في مشهد يعكس تحولات عميقة في جغرافية الطاقة العالمية، تعمل تركيا في الوقت الراهن على ضرب مصالح دول القارة العجوز في ليبيا على جميع الأصعدة السياسية والعسكرية والاقتصادية.يبيا على جميع الأصعدة السياسية والعسكرية والاقتصادية.

 

وأضاف الحمد، أن أنقرة نجحت في خلق قنوات تواصل دبلوماسية مع عسكر الشرق، دون التخلي عن حليفها في غرب البلاد، رئيس حكومة التطبيع عبد الحميد الدبيبة، مما جعلها ذات نفوذٍ أكبر في البلد الغني بالنفط.

 

وتابع الحمد، ليبيا تشهد حالياً تنافساً شرساً بين شركةBGN التركية الصاعدة، وشركات النفط الغربية وعلى رأسه شركة “إيني” الإيطالية، في معركة تتصاعد وتيرتها مع تقارب تركي ملحوظ مع الشرق الذي يضم أغلب الحقول النفطية الهامة، حيث هذه المعركة لا تمثل فقط صراعاً بين شركتين للطاقة، بل هي تجسيد لتنافس جيوسياسي أوسع على النفوذ في منطقة تمتلك احتياطيات نفطية هائلة تقدر بنحو 48 مليار برميل.

 

وأوضح الحمد، أنه منذ خمسينات القرن الماضي، سيطرت الشركات الغربية وعلى رأسها الإيطالية على القطاع النفطي في ليبيا، حيث تعمل إيني في ليبيا منذ عام 1959 وتسهم بنحو ثلث إنتاج البلاد من النفط، وفقاً لتصريحات الشركة نفسها، حيث أعلنت إيني مؤخراً عن خطط طموحة لاستثمار 8 مليارات دولار خلال السنوات العشر المقبلة لتطوير أنشطتها في ليبيا والدخول في مشاريع استكشاف جديدة، كما وقعت اتفاقاً مع المؤسسة الوطنية للنفط لإنتاج الغاز بقيمة 8 مليارات دولار يمتد لـ25 عاماً ويهدف لإنتاج 800 مليون قدم مكعبة من الغاز يومياً.

 

وأكد الحمد، ان المشهد بدأ يتغير مع صعود لاعب جديد يتمثل في الشركة التركية BGN التي بدأت تظهر بقوة على الساحة الليبية، بعد توقيع تركيا وحكومة الوفاق السابقة مذكرتي تفاهم تتعلقان بالتعاون الأمني والعسكري وتحديد مناطق الصلاحية البحرية في نوفمبر 2019، ما أثار جدلاً محلياً ودولياً، وقد حضرت BGN كشريك رئيسي في قمة ليبيا للطاقة والاقتصاد التي عقدت في طرابلس في يناير 2024، حيث اجتمعت أكثر من 30 دولة و1300 مشارك من شركات الطاقة العالمية.

 

واستطرد: “وقد ازداد نفوذ الشركة التركية بشكل ملحوظ حيث أوكل لها جل عمليات توريد المحروقات، حيث تقوم هذه الشركة بشحن أغلب كميات الإنتاج المتاحة للتصدير وتتولى أيضاً عمليات توريد المحروقات بمشاركة بعض الشركات الإماراتية حديثة النشأة”.

 

وأشار إلى أنه مع دخول حكومة التطبيع على الخط وتغيير مجلس إدارة المؤسسة، لم يعد نشاط BGN مقتصراً على توريد المحروقات والمتاجرة في النفط الليبي، بل أصبحت شركة متخصصة في الصناعات النفطية ومن المقترح أن تتولى بالمشاركة مع شركات أخرى تطوير بعض الحقول وربما الدخول في الصناعات اللاحقة.

 

ولفت إلى أن الحديث عن نوايا تركيا لإزاحة إيطاليا من ليبيا على الصعيد الأمني والاقتصادي لها عدة دلائل الأول هو التقارب الملحوظ بين تركيا ومعسكر الشرق، مع العلم أن معسكر الشرق يسيطر على النسبة الأكبر من حقول النفط الليبي، وهذا التقارب أحد أهدافه تمهيد الطريق أمام الشركة التركية للزيادة من استثماراتها في القطاع النفطي الليبي.

 

وأشار إلى أن الدلالة الثانية هي ما تداولته الصحف الغربية والمحلية عن ملابسات الرحلة الحرية التي قضتها تيفاني ترامب وزوجها مايكل بولوس على متن يخت فاخر يملكه مالك شركة BGN التركية دون دفع قيمة الرحلة والتي تقدر بـ1.4 مليون دولار امريكي، وهو ما اعتبرته الصحف دليل على ان الرحلة كانت بمثابة لقاء عمل ووجود خطط فعلية لتمكين الشركة التركية بالتعاون مع واشنطن من الاستثمارات في قطاع النفط الليبي بدلاً عن شركة إيني الإيطالية،

أما الدليل الأكثر وضوحاً على الاهتمام التركي بالنفط الليبي يكمن في التصريحات الرسمية للوزراء الأتراك خلال قمة ليبيا للطاقة والاقتصاد، حيث عبر وزير الطاقة التركي ألب أرسلان بيرقدار عن رغبة بلاده في توسيع الاستثمارات مع ليبيا، قائلاً: “ليبيا مهمة للسوق العالمية وليس لتركيا فقط”، ومشيراً إلى أن بلاده تملك علاقات ناجحة في عدة ملفات مع ليبيا ويجب توسيعها لمجال الطاقة.

 

كما لفت إلى أنه تحدث عن اصطحابه مسؤولين من شركات في القطاعين العام والخاص بتركيا خلال زيارته ليبيا لتعزيز التعاون بين البلدين في مجال الطاقة والنفط والغاز الطبيعي، حيث هذا التحرك التركي لم يأت من فراغ، فليبيا تمتلك إمكانات هائلة في مصادر الطاقة المتجددة بالإضافة إلى النفط والغاز، حيث قال الأمين العام لـ”منظمة منتجي البترول الأفريقية” إن ليبيا من بين الدول العشرة الأكبر حول العالم في مجال الطاقة المتجددة.

 

وقال الحمد إن ليبيا حالياً تشهد معركة خفية بين العملاق الإيطالي التاريخي “إيني” والنسر التركي الصاعد BGN، حيث تحاول تركيا استخدام تقاربها مع الشرق الليبي وعلاقتها الوطيدة بالغرب الليبي لخلق موطئ قدم لها في صناعة الطاقة الليبية، بينما تحاول إيني الحفاظ على مكانتها التاريخية من خلال استثمارات ضخمة واتفاقيات طويلة الأمد، حيث هذه المعركة تتجاوز الجانب الاقتصادي إلى بعد جيوسياسي أوسع، حيث تسعى تركيا لتعزيز نفوذها في منطقة البحر المتوسط عبر بوابة ليبيا، بينما تحاول إيطاليا الحفاظ على مجالها الحيوي التقليدي، وأن مستقبل الطاقة في ليبيا سيتحدد إلى حد كبير بنتيجة هذا التنافس المحتدم بين العملاق الأوروبي والقوة الإقليمية الصاعدة.

النفط

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى