اقتصادتقارير

عائدات النفط وتوزيعها قبل وبعد 2011.. مفارقة يشعر بها كل مواطن

عائدات النفط:

قبل نكبة فبراير خرجت ليبيا من حزام الفقر ، وبدأت في شق طريقها صعودا نحو التقدم والرفاه عبر سلسلة كبيرة من مشروعات البنى التحتية في قطاعات الإسكان والمواصلات والنقل والتقنية الرقمية والاتصالات.

خطط التنمية في ليبيا قبل النكبة شملت أيضا الاكتفاء من المنتجات الزراعية، وكادت أن تؤتي أكلها لولا ما تعرضت له البلاد من انتكاسة، كما شهد الإنتاج الصناعي وخصوصا في قطاع النفط قفزات نوعية.

من هذه الخطوات الملحوظة للبناء والتنمية في مختلف المجالات بدأت الرفاهية تخطو لكل مواطن ليبي شيئا فشيئا، ولكن الأهم من كل ذلك أن النظام الجماهيري اقتن بتطبيق العدالة الاجتماعية بين المواطنين بشكل متساوٍ، وبمراعاة إشراك الفئات الأقل دخلا في ملكية كبريات المؤسسات الاقتصادية عبر سندات وأسهم فيها.

من جانب آخر كان انتاج ليبيا من النفط آنذاك أقل من مليوني برميل يوميا إلا أن الرقابة على الإنتاج وعلى عائدات الإنتاج النفطي كانت حاضرة وقوية، ومع ذلك الفساد كان موجودا إلا أنه لم يكن بالمعدلات الخيالية الحالية، وكان الفاسدين استثناء، والقاعدة هي القانون والرقابة والعدالة والنزاهة.

تدمير ليبيا بمؤامرة الناتو في 2011 لم يجهض فقط انتقال ليبيا الى الرفاهية التي أوشكت أن تصل إليها، إنما أيضا اوصل إلى مواقع السلطة والقرار اعوان الناتو ليصبح الفساد في السلطة بعد أن تم عزل أولئك الذين قامت على أكتافهم الدولة فحققوا انجازات كبيرة ليتولى المناصب والمسؤوليات الفاسدون الذين يستحلون لأنفسهم المال العام، فكانت النتيجة هذا الخراب الشامل الذي حاق بالاقتصاد الليبي، لذلك سواء أنتجت حقول النفط الليبية مليون برميل أو ثلاثة ملايين أو حتى عشرة ملايين كل يوم فإن الأرقام لن تعني تغييرا في حياة الليبيين وانما ستطرأ فقط زيادات معتبرة على ما ينهبه الفاسدون داخل ليبيا من ثروتهم وعلى ما ستنهبه الشركات الأجنبية في الخارج منها بالاتفاق معهم.

القائد الشهيد الصائم معمر القذافي كان يدعو الليبيين دائمًا على تجنيب جزء من دخل النفط لصالح الأجيال القادمة التي لم تر النور بعد، وقد بدأت اللجان الشعبية العامة في تنفيذ ذلك بالفعل حتى تراكمت ثروة هائلة يملكها الليبيون في مصارف وشركات في أنحاء العالم، ولكن الفاسدين جاءوا لينهبوا ويضيعوا تلك الثروة الهائلة بالتواطؤ مع الخارج ليتمكنوا من الوصول إلى السلطة، حتى تحولت ليبيا مزارع خاصة بهم ..

ولا ننسى الصراع على تلك العوائد بين مؤسسة النفط أحيانا والمصرف المركزي أحيانا أخرى، والاتهامات المتبادلة بالفساد، والتواطؤ الذي يكشف عبر وسائل الإعلام بين المسؤولين في الحكومات المتعاقبة من أجل الحصول على أموال النفط.

ارتفاع وتيرة الصراعات جعل عددا من المسؤولين يطالبون بتجميد عوائد النفط في ليبيا، ولكن في المقابل ظهرت مطالبات برفع التجميد عن عائدات النفط الأجنبي الليبية الموجودة في الخارج.

من جانب آخر تعزى ارتفاع معدلات عوائد النفط إلى عدة عوامل أهمها هدوء الأوضاع الداخلية وتوقف الحرب، بموازاة ارتفاع سعر النفط على المستوى العالمي، بالتزامن مع تواصل تدفقات النفط في ليبيا فوق المليون برميل يومياً.

في المقابل هناك تحديات اقتصادية تشهدها ليبيا على رغم توقف الحرب وعودة التدفقات النفطية، أولهما توزيع الثروة بين الأقاليم الليبية، وهذا ما سبَّبَ الإقفال في الفترة السابقة، إضافة إلى أن مشكلة هيكلية يعاني منها الاقتصاد الليبي “الريعي”، حيث يجب تحوّل الاقتصاد إلى اقتصاد منتج لا يعتمد كثيراً على النفط، على أن يكون النفط المحرك الأساسي في ذلك التحول التدريجي نحو الاقتصاد المبني على المعرفة

ليس مهما كم ستنتج ليبيا من النفط ولكن المهم أن يحصل الليبيون على عائدات هذا النفط وان يتم توزيع تلك العائدات توزيعا عادلا .

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى